وضعت حكومة “العهد الاولى” كما يشدد الرئيس ميشال عون على تسميتها، الوضع الدرزي في مهب التجاذبات السياسية، وكادت “تنفجر” بين “البيك” والمير” على خلفية تمثيل طائفة “الموحدين” والتي أعطت جنبلاط النسبة الاكبر في الانتخابات النيابية.
في السياسية بات معلوماً أن الفيتو الذي وُضع بوجه تمثيل جنبلاط بثلاث حقائب يأتي من زاوية “تصفية الحسابات” مع زعيم المختارة الذي دأب على حمل سلاح “بيضة القبان” في مجلس الوزراء على مدى “عقود”، ورفعه امام كل من يعنيه الامر متى وجد نفسه ” مضطرا” لوقف أي زحف باتجاه المختارة.
“الميزان الجنبلاطي” كان يخضع الى “دوزنة” داخلية وخارجية، ولكن جنبلاط كان “يُفتيها” بأن مصلحة الجبل من مصلحة لبنان والتي تعلو عن المصالح الاخرى، ويشهد قصر قريطم على “حنكة” الرئيس الشهيد رفيق الحريري في تدوير “الزوايا الجنبلاطية” ووضعها في قالب تتقاطع فيه مصالح الطائفة من جبل لبنان الى حوران وأبعد.
اليوم كُسرت الاحادية الجنبلاطية، البعض يقول جاءت باشارات سورية ورضا روسي، لكسر قرار المختاره ووضعه بمصاف الاطراف الاخرى، والخطوة الاولى جاءت بتحجيم دور جنبلاط الوزاري، فمن وزارات دسمة كالصحة والاشغال وغيرها، الى وزارة “التربية” التي ستدخل وزير الاشتراكي في دوامة السلسلة والدرجات الست ولجان الاهل، وربما سيكون بمواجهة مع حلفائه في الاستحقاقات المقبلة في دوائر هذه الوزارة من التعليم المهني الى الثانوي وغيرها.. جنبلاط “عض على الجرح” وخضع في نهاية المطاف للتسويات الكبرى التي اعتاد على التقاط اشاراتها من بعيد، فأودع الاسم الدرزي الثالث في عُهدة “العهد الفاشل” كما أراد أن يسميه في تغريدة “ذات صباح”، ومعه أهدى الرئيس عون كتابين الاول مذكرات عن كمال جنبلاط والثاني ويحمل اسم “Lords of the Desert ” أو “اسياد الصحراء” الكتاب الذي يتحدث عن المنافسة البريطانية الاميركية بعد الحرب العالمية الثانية على “خيرات الشرق الاوسط” وأن هذه المنافسة في الشكل ما هي الا شراكة في السر “لنهب ثورات” الشعوب.
ولكن ما يتضمنه هذا الكتاب هو التشكيك “بعروبة” جمال عبد الناصر حيث يشير الكاتب الى ان عبد الناصر كان يتعامل في السر مع الاميركيين الذين ساعدوه عبر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” على إطلاق محطة إذاعية مؤثرة ومعادية للإمبريالية هي “صوت العرب” والتي تبين لاحقا أن مديرها ومذيعها احمد سعيد كان يُعطي الاحدثيات عبر مذياعه للاسرائيليين لضرب الجيش المصري في حرب ال 67، وهنا يبرز السؤال عن مناسبة اهداء جنبلاط للرئيس عون هذا الكتاب وهل من رسالة أراد جنبلاط أن يوصلها الى رئيس الجمهورية من خلال ما كتبه “جيمس بار” في كتابه؟
جنبلاط الذي وضع نفسه “بتصرف” نجله تيمور لخوض غمار السياسية، يعلم أن المرحلة التي يعيشه الشرق الاوسط شبيهة بتلك التي كانت المنافسة فيها محتدمة بين بريطانيا والولايات المتحدة، مع دخول الدب الروسي بقوة على المنطقة وتغيير موازين القوة مع الاميركيين، ما يتطلب من جنبلاط استجماع الاشارات والتقاطها بصورة دقيقة تساوي دقة المرحلة.
أما في البعد الديمغرافي والاجتماعي فالوضع الدرزي ليس على ما يرام لاسيما في ظل القطيعة “السياسية” بين دروز لبنان ودروز سورية وانشغال قيادات الداخل بالحقائب وعد الارقام أو ملاحقة رجال الاعمال واستعراض صفقاتهم… فيما الحاجة اليوم كما يردد أبناء الطائفة الى أكثر من مؤتمر عام يضع استراتيجيات وخطط تشاركية لمستقبل الدروز وسط هذا الصراع الشرق أوسطي الذي يطال الاقليات في المنطقة.
ومما لا شك فيه، فان ما أصاب دروز سورية في خلال الازمة، ترك لديهم انطباعاً قاسياً ربما عاشته الطائفة في غزوات سابقة أيام الصليبيين والتتار. ولكن اليوم المسألة بحاجة الى تفكير يتخطى زواريب لبنان السياسية، ويكون أعمق من مسألة الارتباط بالنظام السوري والمناداة بالثورة وأكبر من العقدة اليزبكية- الجنبلاطية ولا يمكن أن تستمر المناورات التي يقودها الزعماء الدروز طويلا، طالما أن القطيعة بين “الجبلين” مستمرة.
علاء الخوري

TO GO WITH AFP STORY BY JOCELYNE ZABLIT
Lebanese Druze leader Walid Jumblatt walks with his eldest son Taymur (L) at their ancestral home in Mukhtara in Lebanon’s Shouf mountains, southeast of Beirut, on Januray 16, 2010. Jumblatt said he was close to reconciling with former arch-foe Syria and dismissed criticism of his latest political about-turn. Jumblatt, head of the Progressive Socialist Party (PSP), also confirmed that he was grooming Taymur to take over the leadership of the PSP saying the 27-year-old had no other choice. AFP PHOTO/JOSEPH EID / AFP PHOTO / JOSEPH EID