بابا نويل، أنا اسمي مريم وعمري 7 سنين، كنت شاطرة كلّ السنة وما عذّبت أهلي. أعلم أنني كتبت لك رسالة سابقة طلبت فيها كثيراً من الألعاب التي كنت أشتهي الحصول عليها لأضعها في غرفتي الزهرية.
ولكن لا تزعل منّي إذا كتبت لك رسالة ثانية، لكنني بصراحة أردت أن اطلب منك أن لا تأتي إلى بيتنا لتأخذ لائحة الألعاب، فقد مزّقتها ورميتها…
أريد أن أسألك إذا كان بإمكانك أخذ هذه الرسالة مكانها، لأنني غير متأكّدة إذا كنت تجلب الهدايا فقط ولا تزور غير المنازل التي فيها مدخنة، لأن في بيتنا دفّاية عالكهربا ما إلها قسطل، والبابا قاعد بلا شغل منذ أكثر من 6 أشهر، فهل يمكنك أن تجلب له وظيفة جديدة يذهب إليها كل صباح، ويعود في المساء محمّلاً بالشوكولا والبونبون والخبز الافرنجي، ويركض إليّ ويغمرني ويضعني في حرجه ويخبرني عن نهاره بفرح، لأنني بدأت أشتاق للماما التي تغيب طوال النهار عن البيت في شغلها وتعود في المساء للتناقر مع بابا، فقد أصبحتُ أنا مثل بيتي حزينة، ولا أعتقد أن الألعاب ستُفرح أحداً غيري.
بابا نويل، إنس كلّ الدمى التي طلبتها منك، أريد فقط أن ألعب كالسابق مع رفيقي جاد في المدرسة. لكنّه غاب لفترة طويلة عن الصفّ والملعب، ولدى عودته الأسبوع الماضي، جاء بلا شعر ووجهه أصفر وفمه حزين جداً ولا يريد اللعب مع أحد. هل يمكنك أن تلفّ له شَعراً جديداً في ورقة هدايا وتضعه تحت شجرته؟ لأني متأكّدة أنّه عندها سيعود ليلعب معي.
وإذا لم تجد شَعراً، خذ من شعري أنا، فهو طويل ولا أحتاجه كلّه، وإذا أردت أعطه من ذقنك البيضاء، ويمكنه مثل الماما أن يغيّر لونه عند الكوافير.
ومعلمتي المفضّلة التي تدافع عنّي من غلاظة الصبيان في المدرسة، لمحتها عدّة مرّات تمشي في الكوريدور وتجرّ رجلها على البلاط، حتى لا يلاحظ أحد أن كعب حذائها مقبوع.
لا أحب أن أرى معلمتي القوية خجولة من حذائها. يمكن ليس لديها مال كاف لشراء حذاء جديد، ولا أعلم إذا كنت تقدر أن تجلب لها واحداً غيره، أو أقلّه اهديها تلزيقاً من النوعية الجيدة حتى لا يرى أحد هذا المشهد مجدداً.
بابا نويل، انت تعرف أنني ألعب دائماً مع إبنة خالتي وأتشارك معها كل ألعابي… ولكنني لم أعد أحب الذهاب إلى بيتها، خصوصاً بعدما غادر والدها وبات يعيش في بيت آخر بعيد، وأخذ معه الكثير من أغراض البيت، وبتنا نحن نلعب على بلاط الصالون البارد، وفي كلّ مرّة يؤلمني بطني كثيراً.
لكن إذا وعدتني أن تأخذ سجّادة من بيتنا، لأن عندنا 3 سجادات كبيرة، وتضعها في صالون إبنة خالتي، عندها سأعود لألعب معها ولن تؤلمني بطني أبداً، وسأكون سعيدة كثيراً وهي أيضاً.
بابا نويل، عندما تأتي لا تأخذ هذه الرسالة فقط، بل خذ معك الشجرة أيضاً، وضعها في بيت الناطور، وأنر لمباتها وعلّق زينتها، حتى تتمكّن إبنته أن تفرح مثلي عندما ترى الشجرة مضاءة في الليل، لأنّها كانت تقول لي ان والدها، ولأول مرّة في حياتها، لم يتمكّن من دفع ثمن شجرة وزينة الميلاد، وهي تشتاق إليها كثيراً.
بابا نويل، أوقات أحزن أنني أذهب إلى المدرسة لأتعلّم القراءة والكتابة واللغات، ولو أنني لا أحب القصص لما كنت ذهبت في حياتي إلى المدرسة، لأنني بدأت أسمع أخباراً وأفهمها، ولكنني لا أريد أن أعرف أنه مثلما وُلد يسوع في مغارة فقيرة، هناك كثير من الأطفال في لبنان الذين يولدون في كراتين وأكياس، وأولاد يموتون على أبواب المستشفيات ويأكلون من النفايات، وأولاد يولدون في خيَم ويموتون في الثلج…
بابا نويل، هل يمكنك أن تبيع كل هدايا العالم، وتجمع ثمنها الكبير وتوزّعه هدايا على الأهل الفقراء، حتى لا يعيشوا مع أولادهم زمن الآلام في زمن الميلاد؟
بحبّك