الدولة بأمّها وأبوها مشغولة باللاشيئ. «الصيغة» ماتت من زمان، وأهل الحكم يصرّون على أنّها لا تزال على قيد الحياة، فقط لمتابعة مسيرة النهب والسرقة.
إيران، سوريا، السعودية وتركيا يبتزّون لبنان حتى نخاعه الشوكي، ودول العالم الباقية يستعملونه ورقة من أوراقهم للحفاط على اسرائيل. آما القادة المسيحيين عندنا، فحدّث ولا حرج، لقد شطّوا عن المسار، وتخطّوا فلسفة «ديوجين»، فيلسوف يوناني، في المماكرة والمساخرة الى أقصى الحدود.
اللبنانيون يكذبون بعضهم على بعض في المنابر والخطب عندما يتحدّثون عن «صيغة العيش المشترك»، أو العيش الواحد، الّذي تحوّل حفلات من التكاذب بالمشاركة في الندوات والقداديس والإفطارات ومراسم عشوراء. نعيش معاً، جنباً الى جنب، لدينا الهموم الحياتية نفسها فقط، ونختلف على الأولويات والتطلعات وثقافة الحياة والموت.
هذه القبائل اللبنانية بمعظمها تملك عقولاً ثرثارة وفارغة. تعطيك بالتفصيل ما تريد سماعه، «تنظيرياً»، ولا تملك خلية واحدة، «عملياً». ما تسمعه كل يوم بثرثرة المسؤولين، من رأس الهرم الى أسفله، فمن كلام عن خطط ومشاريع مصاغة بأفضل المفردات والألوان ما هي في النهاية إلا مضيعة للوقت. هذه «العقول» هي نتاج سنين من الغزوات والفتوحات من أعراق مختلفة، وهي سطحية تافهة تجتهد بالتنظير وكسلى في التنفيذ، لأنّ خلاياها لا تعرف إلا «العبودية» و«التبعية»، ولا تطمأن إلا للأوامر.
«التبعية»، إن كانت داخلية، أم خارجية، أم إيديولوجيا دينية كالإسلام السياسي، فهي «رسن حمار» يبقيك في حالة «اتكال دائم» إجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً، حتى يصبح من تقاليد وعادات وفولكلور القبيلة، ويصبح الحبل المربوط على رقبتك غير معروف إذا كان «وهمي» أم «حقيقي».
… ذهب فلاح لجاره يطلب منه حبلاً لكي يربط «حماره» أمام البيت. أجابه الجار بأنّه لا يملك حبلاً ولكن أعطاه نصيحة وقال له: «يمكنك أن تقوم بنفس الحركات حول عنق الحمار، وتتظاهر بأنك تربطه ولن يبرح مكانه.»
عمل الفلاح بنصيحة الجار… وفي الصباح وجد الفلاح الحمار في مكانه تماماً… ركب الفلاح على حماره…
وأراد الذهاب به الى الحقل… لكن الحمار رفض التزحزح من مكانه!! حاول الرجل مراراً وتكراراً أن يحرك الحمار ولكن دون جدوى… فعاد الفلاح للجار يطلب النصيحة… فسأله: «هل تظاهرت للحمار بأنك تحلّ رباطه؟» فردّ الفلاح بأنّه ليس هناك رباط. أجابه جاره: «هذا بالنسبة لك أما بالنسبة للحمار، فالحبل موجود…»
عاد الرجل وتظاهر أمام «الحمار» بأنّه يفك الحبل… فتحرّك «الحمار» معه دون أدنى مقاومة.
والسلام عليكم!!