نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده كل من ثوماس غروف وجيرمي بيج، يقولان فيه إن قوات صينية وروسية ستقوم بإجراء مناورات مشتركة يوم الثلاثاء.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تدعو فيها روسيا دولة خارج دائرة حلفاء الاتحاد السوفييتي سابقا للمشاركة في أكبر تدريبات سنوية تجريها، موفرة للجنرالات الصينيين تجربة فريدة وقيمة في التدريب خارج حدود بلدهم.
ويقول الكاتبان إن هذه التدريبات، التي تستمر خمسة أيام في أقصى شرق روسيا، بالقرب من الحدود الصينية، يقصد منها إظهار أن الجانبين يتحركان إلى ما هو أبعد من مجرد إظهار القوة الرمزية المشتركة، إلى تنسيق أنظمة الأسلحة وهياكل القيادة، مشيرين إلى قول واشنطن إن الدولتين كونتا إمكانيات قد تشكل امتحانا للهيمنة العسكرية الأمريكية في أوقات الأزمة.
وتلفت الصحيفة إلى أن العلاقات العسكرية بين بكين وموسكو جمعت زخما على مدى الأعوام القليلة الماضية، في الوقت ذاته الذي تراجعت فيه علاقاتهما مع واشنطن، مشيرة إلى أن كلا البلدين يمران بعملية تحديث وإصلاح عسكري، ويريد الرئيس الصيني شين جي بنغ أن يحول قواته العسكرية إلى قوات استطلاعية قتالية.
وينقل التقرير عن الخبير في العلاقات الصينية الروسية وكبير الباحثين في كلية الاقتصاد العليا في موسكو فاسيلي كاشين، قوله: “مناوراتهم مع روسيا تعطيهم خبرة في التجربة الخارجية، التي تعد ضرورية لبكين، التي تسعى لإنشاء قوى قادرة على القتال دوليا”.
ويورد الكاتبان نقلا عن منظمة الناتو التي شهدت مناورات روسيا على حدودها العام الماضي بقلق، قولها إن المناورات مع الصين تأتي بعد نمط من التصرفات الروسية التي تفرض فيها نفسها، وتستعرض فيها التحديث العسكري الذي كلف مليارات الدولارات.
وتفيد الصحيفة بأنه بالنسبة للقيادات العسكرية الصينية، فإن هذه المناورات ستوفر لهم فرصة لرؤية كيف تخطط روسيا لصراع واسع، وكذلك فرصة التعرف على كيفية مد السلاسل اللوجستية والإمدادية.
وينوه التقرير إلى أن المتحدث باسم وزارة الدفاع العقيد وو قيان عرض في مؤتمر صحافي شهري يوم 30 آب/ أغسطس، خارطة تظهر كيف سينضم 3200 جندي صيني، و900 قطعة سلاح، و30 طائرة عسكرية، وكيف سيتم نقل ذلك كله عن طريق سكة الحديد والطرق العادية والجو، حيث قال كاشين: “هم بحاجة إلى هذه الخبرة إن هم أرادوا أن ينتقلوا أبعد من حديقتهم الخلفية”.
ويذكر الكاتبان أن روسيا والصين اشتركتا في تدريبات سابقة، لكن هذه هي المرة الأولى التي تدعى فيها الصين للمشاركة في التدريبات الاستراتيجية السنوية التي توفر التدريب لصراع واسع، لافتين إلى أن جزءا من التدريب سيركز على إمكانيات حرمان العدو من الوصول إلى مناطق محددة، التي طورتها كل من روسيا والصين في مناطق نفوذهما، وهو ما يثير عدم الارتياح في واشنطن.
وتنقل الصحيفة عن محلل السياسات كلينت ريتش، الذي يركز على القضايا العسكرية الروسية في مجموعة راند للدراسات، قوله: “يشكل التمرين فرصة للتحضير لنطاق من سيناريوهات الحروب والأزمات الكبيرة.. والتركيز على المحيط الهادئ لخطط الطوارئ، مثل كوريا الشمالية مثلا، لكن الإمكانيات التي تتم تجربتها قد تستخدم في صراع مع الغرب”.
وبحسب التقرير، فإن البيت الأبيض حذر في استراتيجيته للأمن القومي العام الماضي، بأن هناك بلدين يعملان على التوصل إلى طريقة لاستخدام الصواريخ المضادة للطائرات وتلك المضادة للسفن “لمنع أمريكا من الوصول في أوقات الأزمات، ولتحدي إمكانياتها للعمل بحرية في المناطق التجارية الضرورية في أوقات السلام”.
ويشير الكاتبان إلى أن القوات الصينية المشاركة في المناورات هي من جيش التحرير الشعبي، قيادة القطاع الشمالي، والمسؤول عن طوارئ كوريا الشمالية وغيرها، وهو واحد من خمس قيادات للجيش تم إنشاؤها في المناطق المختلفة من الصين عام 2016، كجزء من إصلاحات شي العسكرية؛ لتجهيز الجيش الصيني بشكل أفضل للتهديدات الخارجية، منوهين إلى أن فرق الدفاع الجوي الصينية والروسية تشاركت العام الماضي، حيث قامت بنشر أهداف وقامت بتدميرها.
ويقول كاشين للصحيفة إن طائرات صينية قامت في عمليات أخرى بالهبوط على حاملات طائرات روسية والعكس أيضا، مشيرا إلى أن من بين التدريبات التي أجريت أيضا تدريبات محاكاة للسفن الروسية، تدافع عن منشآت عسكرية صينية وسفن صينية تحمي قوارب روسية.
ويضيف كاشين أنه على خلاف العمل المشترك، الذي قام عليه حلف الناتو، فإن التعاون الروسي الصيني يبدو كأنه تحالف قوى كبيرة من القرن التاسع عشر، حيث تقوم الجيوش بالحرب جنبا إلى جنب، بدلا من توفير الدول الأعضاء إمكانيات محدودة.
ويلفت التقرير إلى أن بكين وموسكو تمتعتا بروابط قوية في أوائل خمسينيات القرن الماضي، ولكنهما اختلفتا في وقت لاحق من ذلك العقد، ثم وقعت بينهما مناوشات حدودية عام 1969، ليس بعيدا عن موقع التمارين هذا الأسبوع، فيما بدأت العلاقات بالتحسن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وتقاربتا في السنوات الآخيرة، مشيرا إلى أن جزءا من ذلك يعود للإعجاب المتبادل بين شي وبوتين.
ويقول الكاتبان إن الرئيسين شي وبوتين سيجتمعان في المنتدى الاقتصادي في فلاديفوستوك خلال التدريبات، حيث يتوقع أن يتحدث الزعيمان عن الجوانب المختلفة من علاقتيهما، مشيرين إلى أن ما دفع البلدين للتقارب هو العلاقات البالية مع أمريكا لكل من بكين وموسكو، فبعد العقوبات الأمريكية على روسيا؛ لضمها القرم عام 2014، التي دفعت روسيا بعيدا عن التعاون السياسي والاقتصادي مع الغرب، فإن الكرملين حذر من أنه سيتجه شرقا ليحسن علاقاته مع الصين.
وتفيد الصحيفة بأن العلاقات بين الصين وأمريكا ساءت في السنوات الأخيرة، وأحد الأسباب هو الجهود التي تبذلها بكين لفرض مناطق نفوذ في آسيا، بما في ذلك بناء سبع جزر صناعية محصنة في بحر جنوب الصين المتنازع عليه.
وينوه التقرير إلى أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، قارن هذه التدريبات مع تدريبات زاباد، التي أقامها الاتحاد السوفييتي في 1981، حيث كان هناك توتر مع الغرب، كما هو الحال الآن، وتضمنت تلك التدريبات، التي كانت أكبرها، إنزالا بحريا في مدينة غادانسك البولندية، التي كانت بؤرة حركة سولدارتي الموالية للغرب في وقتها.
وتختم “وول ستريت جورنال” تقريرها بالإشارة إلى قول ريتش: “إن الجو المعادي للغرب الذي تتم فيه التدريبات أوضح ما يكون”.