دخلت عمليّة تأليف الحكومة مرحلة الإنتظار الطويل بعد اشتعال حرب الصلاحيّات واحتدام المعركة على الحقائب والوزارات.
يرى المتابعون للشأن الحكومي أنّ لا تأليف في المدى المنظور نظراً إلى عوامل عدّة أبرزها إعادة احياء اصطفافي “8 و14 آذار” ولو بصيغة جديدة غير تلك التي تحكمت بالحياة السياسيّة سابقاً، إضافة إلى الخلاف الذي يتّسع حول الأحجام بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و”التيار الوطني الحر” من جهة، وحزبي “القوات اللبنانية” و”التقدمي الإشتراكي” من جهة أخرى، ومساندة الرئيس المكلّف سعد الحريري للدكتور سمير جعجع والنائب السابق وليد جنبلاط في معركتهما الوزاريّة.
يضاف إلى كل هذه العوامل الداخلية غياب المعطى الإقليمي والدولي المشجّع لولادة الحكومة، فلا يوجد توافق سعودي – إيراني، بل بالعكس، كما أنّ الرياض لا ترغب في تسليم حكومة لبنان إلى “حزب الله”، وإيران بدورها لا تقدّم التسهيلات اللازمة ولا تضغط على حلفائها المعرقلين.
وأمام اشتداد حرب الصلاحيات بين عون والحريري، فقد انقسم المشهد بين غالبيّة سُنّية على اختلاف انتماءاتها السياسيّة تدعم الحريري في حين أنّ المسيحيّين لم ينجرّوا إلى تلك المعركة.
واللافت للانتباه أنّ المرجعيّة الأولى للمسيحيّين في لبنان أي بكركي، اعتبرت أنّ معركة الصلاحيات بلا أساس وهي مفتعلة والمطلوب تأليف الحكومة لأنّ الوضع لم يعد يحتمل التأجيل.
وأمام تلك الوقائع تؤكد مصادر في تكتل “لبنان القوي”، لموقع “ليبانون فايلز”، أنّ رئيس الجمهورية لا يطلب الدعم من أحد، فهو يطبق الدستور، والدستور يعطيه صلاحيات واضحة في موضوع تأليف الحكومة، وبالتالي فإنّه يفعل ما يمليه عليه ضميره.
وتستغرب المصادر كيف أنّ فريقاً مسيحياً يدّعي الدفاع عن حقوق المسيحيّين وحرصه على العهد ورئاسة الجمهوريّة ولا يوفّر فرصة إلا ويمس بصلاحيّات الرئيس وبالمسلّمات وذلك من أجل تكبير حجمه الوزاري غير آبه بما قد تتركه مواقفه على مستقبل الرئاسة ودور المسيحيّين.
وتقول المصادر: المؤسف أن هذا الفريق يريد من الرئيس أن يكون “باش كاتب” وأنْ يوقّع فقط على التشكيلة الوزارية التي يقدّمها رئيس الحكومة المكلّف، لكن ذاك الزمن انتهى وبات هناك رئيس قوي يقول لا عندما يجب أنْ يقول ذلك.
ولم تبد مصادر “لبنان القوي” انزعاجها من كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حول معركة الصلاحيّات، لأنّه في الأساس ليس هناك مثل هكذا معركة، والبطريرك ينادي بضرورة تأليف الحكومة سريعاً وهذا مطلب رئيس الجمهوريّة الذي يقوم بكل شيء من أجل حثّ المعرقلين على وقف العرقلة.
وتؤكّد المصادر أنّ العلاقة بين بعبدا وبكركي صلبة، ولا يستطيع أحد الدخول بينهما وخلق إشكالات ليست موجودة أصلاً، في حين أنّ أفرقاء مسيحيّين مطالبون بخطوات من أجل دعم العهد لا أنْ يقتصر دعمهم على الكلام بينما يفعلون العكس.
وتشير المصادر إلى اللقاءات الدائمة التي تحصل بين البطريرك والرئيس والتي تنتهي غالباً بالاتّفاق على أولويات الوضع وتقدير خطورة ما يجري خصوصاً وأنّ الراعي من أشد المطالبين بابتكار حلول والتنازل لما فيه مصلحة الجميع.
وأمام هذا الواقع لا يبدو أنّ العلاقة بين “التيّار الوطني الحر” و”القوّات اللبنانيّة” ستستقيم قريباً خصوصاً وأنّ البند السياسي من “اتفاق معراب” قد سقط في حين أنّ الخطوات المطلوبة لإنقاذ الاتّفاق تحتاج إلى نوايا غير موجودة حالياً؛ ما يدفع الأمور إلى مزيد من التأزّم الحكومي يضاف إليها ما سيتركه حكم “المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان” من تردّدات على الساحة الداخليّة وتشنّج سياسي بدأت ملامحه تظهر على الرغم من محاولة الحريري امتصاص العاصفة التي ستهبّ.
عادل نخلة